التُّراث الصُّوفيّ ودوره في إصلاح منظومة القيم في العصر الحديث

نوع المستند : البحوث والدِّراسات.

المؤلف

أستاذ ورئيس قسم اللغة العربية، مدير مرکز تحقيق التراث العربى بجامعة مصر للعلوم و التکنولوجيا.

المستخلص

التُّراث الصُّوفيّ الإسلاميّ رصيد زاخر بالقيم والفضائل الإنسانيَّة، فأهل التَّصوُّف هم خاصة عباد الله، الذين صدقوا في عبوديتهم، وجاهدوا في تطهير نفوسهم ساعين إلى معرفة الله سبحانه؛ ليصلوا إلى مقام الإحسان في معاملة الخلق والخالق.
ولعل هذا المنهج من الفکر الديني السمح هو الذي جعل الفلاسفة والحکماء في کل عصر يحترمون التَّصوُّف بصفة عامة، بل يدرجون الدراسات الخاصة به في إطار الدِّراسات الفلسفيَّة الإنسانيَّة الواقعيَّة، التي يمکن أن تحمل حلولًا لکثير من المشکلات النفسية والاجتماعية.
فالواقع أن الصُّوفيّة ليسوا فرقة من فرق الإسلام التي جعلت لنفسها نصيبًا مفروضًا من المعتقدات المخالفة لعموم المسلمين، بل على العکس، کانوا هم أهل تحقيق التوحيد وأهل الإيمان وأهل الخصوصية، ولذلک کانوا يتبرأون أحيانًا من أن يتميزوا على غيرهم باسمٍ ما، فقد سُئل أحد أئمة الصُّوفيّة وهو الإمام الشبلي: لم سمي الصُّوفيّة بهذا الاسم؟ فقال: لبقية بقيت عليهم من نفوسهم، ولولا ذلک ما تعلقت بهم تسمية.

 من هنا جاءت فکرة هذا البحث، التي ترى في نشر تراث الفکر الصُّوفيّ المتوازن، الذي ينطلق من أصول الدين، ويؤيده المنطق، سبيلًا لمعالجة المشکلات المعاصرة التي يواجهها الناس في ظل العولمة وما أفرزته وسائل التواصل الاجتماعي، من تشويش فکري، وسطحية ثقافية، وفساد أخلاقي.
وتنقسم هذه المشکلات بصورة عامة إلى مشکلات عقدية، ومشکلات أخلاقيَّة ومشکلات نفسيَّة. فالمشکلات العقدية: کالتحلل من المعتقدات الدينيَّة، وکذلک الطائفية الدينيَّة، ثم التعصب المذهبي أو الفريقي أو "الجماعاتي" إن جاز التعبير.
والمشکلات الأخلاقيَّة معروفة، وقد انتشر منها مستجدات على شبکات التواصل الاجتماعي، مثل التنمر والتحرش والکذب والغش والتعدي على الحقوق المادية والأدبية والتعدي على الخصوصيات.
أما المشکلات النفسيَّة معظمها يترکز في الإحباط واليأس والتشاؤم والسلبية وانتشار الفتن والضغائن بين الناس.

الكلمات الرئيسية